مدخل لقراءة ابن خلدون: أسئلة في المنهج والنظرية

نوع المستند : الدراسات التاریخیة والأثریة والتراثیة

المؤلف

أستاذ التاريخ والحضارة - المرکز الجهوي لمهن التربية والتکوين - وجدة - المغرب.

المستخلص

من فرط ما تطارحنا وتساءلنا حول ابن خلدون، حتى لتمنيناه لو کان حاضرا معنا ليجيبنا مباشرة عما بدا لنا غامضا من ملامح شخصيته أو ملامح فکره، أو هما معا. ذلک أن الباحث لا يقول کلمته وينصرف، کما اعتقد فيلسوف أثينا القديم، إلا إذا کف عن التفکير، أي الوجود، ولو دعي لقول نفس الکلمة في مناسبة أخرى، لقالها بشکل مختلف، على الأقل معدلة أو مضافا إليها. لهذا السبب بالضبط کان أفلاطون يحتقر الکتابة، ويفکر فيها على أنها تکنولوجيا خارجية، دخيلة، على الفکر: إنها الکلام الميت البارد،الشبيه بالشيء، عکس الشفاهية الدافئة النابضة بالحياة: إنک لو سألت الشفاهي حول ما يبدو لک غامضا من قول، فسيفسر لک بعض الغموض، فيما يظل النص المکتوب يردد نفس الأشياء إلى الأبد، حتى لو کانت خاطئة بليدة. لمناولة فکر الرجل نجدنا أمام مداخل متعددة، ولقد فکرت طويلا في المدخل المناسب لورقتي هذه، فلم أجد إلا ذکرى، جمعتني به يوما، في لقاء جدي سنة 1991، ذلک أن لقاءاتي السابقة به، کانت في أغلبها لقاءات تعارف، إن للتعرف على سيرته الشخصية، من خلاله أو من خلال غيره، وإن للتعرف على کتابه الکبير “العبر”، بمقدمته التي ضمنت له الشهرة، أيضا من خلاله مباشرة أو عبر ما کتب عنه. لکن لقائي به من خلال موضوع أعددته سنة 1991 بعنوان: من الدولة العصبوية إلى الدولة الشرفاوية، اعتبرته، بالنسبة لي، لقائي الجدي والحاسم في اکتشاف الفکر الخلدوني الذي لا يزال يبهر، رغم کل ما کتب عنه. في الموضوع المذکور، انتهيت إلى مساءلة ابن خلدون، بعد وفاته: ترى هل کان له أن يخلص إلى نظريته، بالشکل الذي صاغها به، لو أنه قدر له أن يعيش تجارب الدول الشرفاوية بالمغرب؟ ورغم أن سؤال الممکن والمحتمل، عادة ما تأنف منه الدراسات التاريخية، إلا أن الباحث في التاريخ، کثيرا ما يجد نفسه، وهو يبحث فيما حصل فعلا، يوجه نظره للسؤال عما کان من الممکن أن يحصل، عبر فرضيات أو سيناريوهات الممکن والمحتمل.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية