عبد الغني العريسي (1861-1916)، صحفي وسياسي لبناني، عاصر سقوط العثمانيين خلال الحرب الكبرى الأولى، ودفع حياته ثمنًا لمواقفه من حركة التتريك، بل ربما ثمنًا لتسليط الضوء على الحركة الصهيونية المتغلغلة في فلسطين قبيل دخول البريطانيين إليها. انتسب العريسي في باريس إلى جمعية العربية الفتاة في عام 1912، وأسهم في تأسيس نادي الحرية والائتلاف في بيروت في 4 أيلول 1912، كما شارك في تأسيس جمعية بيروت الإصلاحية. انتسب العريسي إلى حزب اللامركزية الإدارية، وكان من الداعين لانعقاد المؤتمر العربي الأول في باريس شهر حزيران عام 1913؛ بل كان من أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر؛ الذي عقد من أجل مطالبة الدولة العثمانية بإصلاح بلاد العرب وإعطائها حقها الدستوري. أنشأ جريدة المفيد، وكان توجهه السياسي واضحًا حيث حدد مساره الإصلاحي ضمن الأمة العثمانية... وفي كل مرة كان يلجأ العثمانيون الى تعطيل جريدته، كان يستعيد همته العربية، ليفتتح أخرى منها لسان العرب، وفتى العرب... نشر مقالات للتنبيه أيضًا من الخطر الصهيوني منذ عام 1911. ولفت الانتباه الى مشروع الاستملاك الذي اتخذ نجيب الأصفر واجهةً له في فلسطين، قائلاً في إحدى نشراته الصحفية: "ومن عرف ما يجري في السلطنة وتحت ظل هذه الخلافة من أعمال يهودية ليخاف على كل شبر من أرضنا العثمانية". لم يهدأ العريسي في المطالبة بالإصلاح ضمن السلطنة، وبمتابعة الخطر الصهيوني في ظل ضغوطات عثمانية شهدتها بلاد الشام في ظل الحرب الأولى. واستمرت معركة الكرّ والفرّ، بين تهديد ووعيد، حتى قضى عبد الغني العريسي شهيد غزارته على يد أحكام جمال باشا العرفية مع شهداء الصحافة في أيار 1916، تاركًا لأبناء جيله ومن أتي بعدهم، أفكاره المناهضة للتتريك والصهيونية.
الاستشهاد المرجعي بالدراسة: حسام سبع محي الدين، "عبد الغني العُرَيْسي (1891 – 1916) تنبيه مبكر من الخطر الصهيوني".- دورية كان التاريخية.- السنة السادسة عشرة- العدد التاسع والخمسون؛ مارس 2023. ص 178 – 190.
نقاط رئيسية
أولاً: شهداء 6 أيار 1916 (قراءات مختلفة لسياق تاريخي).