المورسکيون والمجال المتوسطي والوعي بالتفاوت: إبراهيم بن أحمد بن غانم بن محمد بن زکرياء الأندلسي نموذجًا

تُعَدّ إشکالية التفاوت، التي بدأت تتضح معالمها بين أوربا والعالم الإسلامي، منذ نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر، من أهم الإشکاليات التي استأثرت باهتمام کبير من قبل باحثين ومؤرخين معاصرين عرب و أجانب، لکن من يدرس مخطوط "العز والرفعة والمنافع للمجاهدين في سبيل الله بآلات الحروب والمدافع" لصاحبه إبراهيم بن أحمد بن غانم بن محمد بن زکرياء الأندلسي، سيدرک أن هذه الإشکالية لاقت اهتمامًا کبيرًا من قبل صاحب المخطوط السالف الذکر، وهذ ما يجعل أن الکتابات حولها بدأت في مرحلة مبکرة تعود إلى القرن السابع عشر، وهي الفترة التاريخية التي عاش فيها صاحب المخطوط. اندرج تأليف هذا المخطوط، ضمن سياق تاريخي بات فيه المجال المتوسطي يعرف مجموعة من التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسکرية، بدءًا من القرن الخامس عشر الميلادي وحتى متم نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، فخلال هذه المدة الزمنية، اکتملت ملامح تلک التحولات. وفي غمرة هذه الأخيرة، جاء تصنيف المخطوط، في محاولة من صاحبه التحسيس ولفت الانتباه، إلى ما يجري في الضفة الأوربية من تطور وتقدم، وکل ذلک ارتبط في نظره بتزايد اهتمام الأوربيين بالبحر والملاحة والسلاح، والأخذ بکل ما من شأنه أن يساهم في جعل أوربا تفرض إيقاعها على باقي العوالم الأخرى وخاصة العالم الإسلامي. فمقاربته لهذا الموضوع ولو بشکل غير مباشر يؤکد أنه کان على وعي تام بهذا التحول الذي تسير عليه أوربا، والذي أصبحت توظفه من أجل الهيمنة على الآخرين المخالفين لها من حيث العقيدة. وحتى يحسب له وعيه المبکر بإشکالية التفاوت، التي أخذت تطبع المجال المتوسطي منذ القرن الخامس عشر، نبعت فکرة کتابة هذا المقال، إيمانا منا بأن الشخصية التاريخية، ستظل المحرک والمنتج الأساسين لصناعة التاريخ، ونظرًا لأهمية إشکالية التفاوت التي باتت معالمها اليوم بارزة للعيان، حاولنا من خلال هذا المقال الوقوف على مظاهرها من داخل مخطوط "العز والرفعة والمنافع" مسلحين بمنهج علمي رصين يروم رصد وتحليل الأسباب الحقيقية التي جاءت في المخطوط.
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
محمد الغزواني، "المورسکيون والمجال المتوسطي والوعي بالتفاوت: إبراهيم بن أحمد بن غانم بن محمد بن زکرياء الأندلسي نموذجًا".- دورية کان التاريخية.- السنة الحادية عشرة- العدد الثاني والأربعون؛ ديسمبر 2018. ص63 – 71.