باريز والباريزيون في رحلة الصفار (1845-1846م)

نوع المستند : الدراسات التاریخیة والأثریة والتراثیة

المؤلف

أستاذ التاريخ القديم - کلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة عبد الملک السعدي - تطوان - المغرب.

10.12816/0053283

المستخلص

أعجب الصفار بباريز إعجابًا شديدًا، کغيره من أصحاب الرحلات المغاربة الآخرين الذين اکتشفوها من بعده، ففيها شاهدوا أمورًا لم يسبق لهم أن رأوها أو سمعوا بها قط في المغرب؛ وأطلعهم الفرنسيون على ما لم يعرفوا له اسمًا، وأروهم من المبتکرات ما اعتقد بعضهم أنه "من فعل الجان". ويبقى الشعور بالتفاوت هو السمة الأساسية المميزة لرحلات الصفار ومَنْ أتى بعده من المغاربة إلى باريز. وهذا التفاوت هو تفاوت بين واقعين ماديين متناقضين لمجتمعي دار الإسلام ودار الحرب، وهو أيضًا تفاوت بين عقلين، عقل ورثة عصر النهضة والأنوار الذين رأوا في الرحلة فرصة للتعلم وحک عقل الرحالة وصقله مع عقل الآخرين، کما ذهب مونطيني de Montaigne إلى ذلک؛ وعقل ظل حبيسًا لنسق ونمط تفکير عقيم لم يعرف التطور إليه سبيلاً. ورحلته هذه التي هي وليدة ثقافة عصره، مکنته من إزالة الحجاب عن ذاته، والبوح بأمور لم يکن ليبوح بها، هذا الفقيه "الشديد التحفظ" لولا السفر الذي أسفر عن وجهه وأَخلاقه، فأظهر منها ما کان خافيًا. وکان بعض المثقفين المغاربة في القرن التاسع عشر قد وقفوا على غرائب مدَنِيّة الغرب التي حيَّرت منهم الأذهان، ووصفوا، عجائب مخترعات الفرنسيين والمسيحيين عامة، وردوها إلى "العقل الظلماني" الذي به يدرک الکفرة هذه المخترعات التي "أظهرها الله على أيديهم"، والتي يزدادون بابتکارها توغلا في کفرهم؛ وهذا العقل في زعمهم، نقيض "العقل النوراني" الذي يدرک بفضله المغاربة والمسلمون عامة المسائل المعنوية، کالإيمان بالله والملائکة... فلا أدري، إذا استثنينا بعض المغفّلين والأمّيين الذين کانوا ضمن أعضاء هذه البعثات (بشهادة العمراوي والجعيدي)، هل کانت عقول الصفار ومَنْ زار بعده باريز ووصفها من المغاربة عقول نورانية أم ظلمانية؟
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
مصطفى غطيس ، "باريز والباريزيون في رحلة الصفار".- دورية کان التاريخية.- السنة الحادية عشرة- العدد الواحد والأربعون؛ سبتمبر 2018. ص204 – 221.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية