النار في حياة وعقيدة إنسان عصور ما قبل التاريخ

نوع المستند : الدراسات التاریخیة والأثریة والتراثیة

المؤلف

مدرس الآثار المصرية القديمة - کلية الآثار - جامعة أسوان - جمهورية مصر العربية.

10.12816/0053264

المستخلص

هناک صراع لا يمکن إنکاره بين الإنسان والحياة منذ عصور ما قبل التاريخ؛ صراع تسير أحداثه غير متناغمة ولکنها متصلة، ففي بيئة طبيعية غير مهيأة عاش الإنسان الأول باحثًا عن سبل تمکنه من أن يحيا في أمان، وهذا کان کل ما يبتغيه آنذاک، اعتمد على التأمل والتجربة للوصول إلى مراده، وکانت النار أحد أهم الأشياء التي اکتشفها الإنسان وعرفها بحکم الصدفة بحدوثها في الطبيعة ضمن الظواهر الطبيعية التي کانت تحدث آنذاک، وللنار أهميتها التي غيرت من مسيرة حياة الإنسان بل غيرت مجرى التاريخ، فبمجرد أن نتخيل عدم وجود النار في حياة الإنسان الأول ندرک کم کانت حجم المعاناة التي کان يعيشها، فمن المؤکد أن حياته کانت شديدة الشبه بحياة الحيوان، يأکل النباتات مباشرة، ويتناول لحم طرائده نيئة من دون طهي، ويبيت في کهوف الجبال المرتفعة تحصنًا من هجمات الحيوانات الضارية، وحينما يحل موسم الشتاء يحيا داخل الکهوف والمآوى الصخرية أو يهرب نحو المناطق الدافئة، وحينما تشتد الحرارة ينزح نحو المرتفعات الأقل برودة، لکن کل ذلک تغير بمجرد وصول النار لقبضة يده، فالنار أحدثت تبديلاً صارمًا لکل ما سبق من سلوکيات. ومن الصدفة إلى معرفة کيفية الإتيان بالنار کان التحول الذي مهد إلى نشأة الحياة والاستقرار بکل ما تعنيه الکلمة، فبمعرفة النار عرف الإنسان طهي الطعام، وتعرف على طرق الإضاءة التي جعلته غير مضطر للهروب باحثا عن الضوء، وعرف طرق التدفئة، وعرف العديد من الصناعات لاسيما الصناعات الفخارية، بل واستخدم النار في إحداث شقوق في الصخور ليستخدم الحجر في صناعة الأدوات الحجرية، وشيء فشيء بدأ الأمر يتحول من أهمية دنيوية إلى أهمية عقائدية، فبدأ الإنسان البدائي ينظر إلى النار نظرة تقديس، فأصبح لها داخله مکانة کبيرة تقارب العبادة. فغيرت النار بذلک من حياة وفکر إنسان عصور ما قبل التاريخ، وأخذت منحى يتجه به نحو نشأة الدين والبحث عن الإله، الذي کان يهابه مهابته لکل خطر يحيط به، فمن الخوف عرف التدين، ومن النار وضع تخيل لطبيعة الإله ولکن بصورة غامضة يخافها ويقدسها.
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
زينب عبد التواب رياض خميس، "النار في حياة وعقيدة إنسان عصور ما قبل التاريخ".- دورية کان التاريخية.- السنة الحادية عشرة- العدد الواحد والأربعون؛ سبتمبر 2018. ص10 – 22.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية