لقد تميزت مدينة تيديس الأثرية بخصائص واستثناءات مهمة جاءت نتيجة سببين مختلفين، تمثل الأول في التنوع التاريخي الذي عرفته المنطقة، وتجسد الثاني في الطبيعة التضاريسية للمدينة، حيث سنسعى هنا للبرهنة على هذه الاستثناءات الناتجة عن هذين السببين، ففيما يتعلق بتأثير التنوع والتعاقب التاريخي فسوف نؤکده من خلال دراسة تطور الأسوار الحامية للمدينة، وأما بخصوص انعکاسات الطبيعة التضاريسية على المدينة فسوف نصورها في أهم ما تميزت به هذه المدينة من استثناءات معمارية. تُعَدّ تيديس واحدة من بين المدن الأثرية ذات الأهمية الکبيرة بالشرق الجزائري نتيجة لطبيعة مخلفاتها التي اعتبرت صورة حية تجسدت فيها أهم الحضارات المتعاقبة على منطقة شمال إفريقيا وقسنطينة خصوصًا، حيث عرفت الوجود الليبي وبعده البوني ثم الروماني والمسيحي وفي الأخير الإسلامي، کما اکتسبت أهميتها أيضًا من مجموعة الخصائص والاستثناءات المعمارية التي انفردت بها دون غيرها من المدن، ومنه سنسعى هنا لتقديم صورة نبين من خلالها هذا التراکب الحضاري الذي شهدته هذه المدينة، کما سنسعى لاستخلاص النتائج المنعکسة عن هذا التراکب على طبيعة وآثار المدينة. وللإشارة؛ فإن هذا العمل کان ميدانيًا في أغلب مراحله أُعتمد فيه على الوصف الميداني بالاستعانة أحيانًا ببعض نتائج حفريات الباحث (Berthier André) کما کانت أغلب الاستنتاجات شخصية مستمدة من نتائج الدراسة الوصفية لمعالم المدينة، وهو الأمر الذي جعل هذا النص يفتقد إلى کثرة الإحالات.
الاستشهاد المرجعي بالدراسة: بوعويرة نبيل، "التعاقبات الحضارية والخصائص المعمارية في مدينة تيديس الأثرية".- دَّورِيةُ کَان الْتَّارِيْخية (علمية عالمية مُحَکَّمَة).- العدد الثلاثون؛ ديسمبر 2015. ص 79 – 86.
)
مشاهدة على SCiNiTO