مرسوم التنصير الإجباري الصادر بتاريخ 17 فبراير 1502م

نوع المستند : الدراسات التاریخیة والأثریة والتراثیة

المؤلف

ماجستير في تاريخ وحضارة الأندلس - أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي - تطوان - المملکة المغربية.

المستخلص

بعد حصار دام ثمانية أشهر، اجتمع أبو عبد الله الصغير النصري بفحص غرناطة مع الملکين الکاثوليکيين، فرناندو، وإيزابيلا لتوقيع اتفاقية 25 نوفمبر 1491، والتي بموجبها أعطيت للمدينة مهلة شهرين للاستسلام، لتسقط بذلک آخر معاقل المسلمين في الأندلس. تضمنت الوثيقة السالفة الذکر شروطًا، اعتبرت جيدة بالنسبة لسکان المدينة المستسلمة، حيث أعطت لهم حرية العبادة، ونصت على عدم التمييز بينهم وبين المسيحيين من رعايا مملکتي قشتالة وأراغون. وبذلک تحول سکان مملکة غرناطة إلى مدجنين، مثلما کان حال غيرهم من المسلمين، الذين فضلوا البقاء في مناطقهم، خصوصًا في بلنسية وأراغون وقشتالة. بعد دخول الملکين الکاثوليکيين للمدينة يوم 2 يناير 1492 ومعهم قوات عسکرية تمرکزت أساسًا في قصر الحمراء انقسم سکانها إلى ثلاث فرق؛ فريق اعتنق عقيدة المنتصر أغلبهم من أصحاب السلطة والنفوذ الذي فضلوا الحفظ على مکانتهم الاجتماعية ولو اقتضى ذلک التظاهر بالمسيحية أو التحول إليها بشکل فعلي. وفريق اختار أن يغادر البلاد نحو دار الإسلام لأن غرناطة وقد تزايدت وتيرة الهجرة مع فتوى الونشريسي (توفي 914 هـ) المسماة: "أسنى المتاجر في بيان أحکام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر". وأما جمهرة المسلمين الذين أحبط نفوسهم رحيل النخب المثقفة، فقد فضلوا البقاء بأوطانهم، ظنًا منهم أن الإسبان سيحترمون اتفاقية الاستسلام المشار إليها سالفًا. کان الملکان الکاثوليکيان مجبران على إبقاء سياستهم "المتسامحة" إلى حين، لکن معارضيهما اِدعوا أنه يجب تحويل المسلمين إلى المسيحية لأسباب سياسية أکثر منها دينية. وإجمالاً يمکن القول؛ أن الأمور بقيت مستقرة إلى أن احتل الکاردينال سيسنيروس منصب رئيس أساقفة إسبانيا سنة 1499، وبمجرد توليه المنصب طالب الملکين الکاثوليکيين بالعدول عن سياستهما، لکن الرجل لم يکتفي بالکلام فقط، بل بدأ حرکة نشيطة لتحويل المسلمين إلى المسيحية، وقد أدى أسلوبه الفظ إلى ثورة سکان ربض البيازين، وهي الثورة التي امتدت إلى جبال البشرات، وجبال رندة، وأثناء هذه الثورة حاول الملکان الکاثوليکيان استمالة سکان المناطق الجبلية الثائرة وذلک بمنحهم عددًا من الامتيازات، لکن هذه السياسة لم تفلح، فلجأ إلى إرسال قواتهما إلى البشرات، وجبال رندة، حيث حدثت مواجهات مسلحة، قتل خلالها الکثير من الغرناطيين، وتکبد فيها القشتاليون خسائر فادحة. وبالموازاة مع ذلک أصدرت عدد من المراسيم، خصوصا مرسوم يوليوز 1501، الذي منع على المسلمين بموجبه حمل السلاح. ومباشرة بعد قمع الثورة أي في بداية سنة 1502 ( بالضبط يوم 17 فبراير 1502 ) - عشر سنوات تقريبًا بعد استيلائهم على مدينة غرناطة – صدر مرسوم التنصير الإجباري، الذي خير مسلمي قشتالة بين المسيحية، أو المغادرة، أو الموت. وهو المرسوم الذي قمنا بتعريبه، لاقتناعنا بأهميته، بالنسبة للباحثين المهتمين بتاريخ الأندلس عامة، وبتاريخ الأندلسيين الغرباء بشکل خاص.
الاستشهاد المرجعي بالمقال:
مرسوم التنصير الإجباري الصادر بتاريخ 17 فبراير 1502م/ ترجمة وتعليق: محمد عبد المومن.- دورية کان التاريخية.- العدد الثالث والعشرون؛ مارس 2014. ص 129 – 131.

الموضوعات الرئيسية