أساليب الإمام عبد الحميد بن باديس في مواجهة سياسة الإدماج

نوع المستند : الدراسات التاریخیة والأثریة والتراثیة

المؤلف

أستاذ مساعدة - مکلفة بالدروس - قسم العلوم الإنسانية - کلية الآداب واللغات والعلوم الاجتماعية والإنسانية - جامعة معسکر - الجزائر.

المستخلص

احتفل الفرنسيون بمرور قرن على احتلالهم الجزائر في سنة 1349هـ/1830م بإقامة حفل ضخم دام شـهرًا، أحــيوا فيه ذکرى انتصاراتهـم على المقاومـة المسلحة للأمير عبد القادر وثورات 1871م وما عقبتها من انتفاضات شعبية، استخدمت فيها قـوة الغزاة کل أساليب قهر وإذلال الأهالي. کان الهدف من إحيـاء هــذه الذکــرى البغيــضة هو إذلال الجزائريين وإشــعارهم بالمهانة، لأن حــکم فرنسا للجــزائر أصبح أمرًا واقعًا (بمنظورهم)، وأن المــسألة الأهلية أصبحت من بين الموضوعات الحساسة والمعقدة، وأنه ليس هناک ما يمکن عمله من قبل الغاصبين للشعب العربي الذي يجب أن ينقرض، بحکم طبيعة الأشياء، کما انقرضت بعض القبائل البدائية في أمريکا الجنوبية أمام تقدم الحضارة. حشد هذا الاحتفال البغيض همة العلماء المسلمين وغيرتهم على دينهم ووطنهم، فقرروا إنشاء جمعية تناهض أهداف المستعمر الفرنسي، وجعلوا لها شعارًا يُعبّر عن مقاصدهم هو: "الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا"، وانتخبوا العلامة الجليل عبد الحميد ابن باديس (1889 – 1940م) رئيسًا لها. وقد نجح الإمام في توحيد صفوف العلماء المسلمين من أجل محاربة الأســاليب الاستعمارية العديدة من أجل إبادة الأمة العربية المسلمة. وکان سلاحه الرئيس هو بعث الروح الإسلامية في النفوس، ونشر العلم بين الناس. وقد أنشأ لذلک المدارس للناشئة مـن الإناث والذکور، وألقى العديد من الدروس، وأدار الندوات في المسـاجد وفي النوادي لعامة الناس. لم يکن ابن باديس مُصلحًا فحسب، بل کان مُجاهدًا سياسيًا، مُجاهرًا بعدم شرعــية الاحتلال لا يخاف في ذلک لومة لائم. وبعد أن ظن الکثير من الناس أن فرنسا نجحت في جعل الجزائر مقاطـعة فرنسية، أحيى في النفوس والعقول فکرة الوطن الجزائري، ودخل في معرکة مع الحاکم الفرنسي سنة 1352 هـ/1833 م، واتهمه بالتدخل في الشؤون الدينية للجزائريين. وبعدما کانت مطالب کثـير من السياسيين الجزائريين ما بين الحربين العالميتين الحصول على المساواة مع الفرنسييـن، ونيل حق المواطنة عن طريق الاندماج، مقابل تخليهم عن دينهم، وتنازلهم عن هويتهــم، أفشل الإمام فکرة الاندماج سنة 1353هـ/1936م, وشن حربًا لا هوادة فيها على دعاة الاندماج والتجنس، لأن ذلک يعتبر أکبر خطر يهدّد الأمة.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية