الفکر المعماري العربي الإسلامي: التفسير التاريخي

نوع المستند : الدراسات التاریخیة والأثریة والتراثیة

المؤلف

العميد السابق لکلية هندسة العمارة - جامعة الإسراء - ورئيس الجمعية الأردنية لتاريخ العلوم - الأردن.

المستخلص

العمارة ظاهرة حضارية أصابها داء التجديد (التغيير)، کما أصاب باقي الظواهر الحضارية کالفنون والآداب. ولقد صاحب هذا التجديد، تغيير شامل في البنى النظرية، والمفاهيم، ومناهج التفکير، وطرائق النظر، وأدوات البحث، وأساليب التفسير. ولقد کان داء التجديد، وما زال في العمارة أشد وطأة منه في باقي الظواهر الحضارية. فاستأصلت العمارة العربية الإسلامية من محيطها الحضاري، وبوعد بينها وبين جذورها التاريخية، وأفرغت من قيمها الاجتماعية، وشکک في أصالتها، ووصمت بالتقليد تارة، وبالتبعية تارة أخرى، وغيب فکرها، واستبدلت أطرها النظرية، واختصرت منهجيات ممارستها من أرقى منهجيات التصميم، وهي منهجية الأحکام، إلى أدنى منهجيات التصميم وأکثرها بدائية، وهي منهجية التجربة والخطأ، ثم منهجية التکرار. ولقد أسفر هذا التغيير عن خلق أجيال من أساتذة الجامعات، والمعماريين الممارسين العرب والمسلمين، تنکروا لأنفسهم ولحضارتهم، أخذوا بظواهر الحضارة الغربية فجهلوا فکرهم المعماري، "وعطلوه واتخذوا من جهله وکراهته مذهباً يقرون به ويدعون إليه". ولقد کان أخطر ما أقدمت عليه الحضارة الغربية، منذ القرن الثامن عشر، هو تفسيرها لظواهر الحضارة الإسلامية، ومنها العمارة الإسلامية مستغلة وعينا المستلب، وافتقارنا إلى المؤسسات العلمية، وضعف ما کان قائماً منها، کالأزهر الشريف، وانبهارنا بتقدمها العلمي والتقاني. فطرحت تفسيرها، القاصر علميًا وأخلاقيًا لهذه الظواهر. تهدف من هذه الدراسة إلى التعريف بفلسفة التاريخ الإسلامي القائمة على: الدروس والعبـر، والتواصل التاريخي، والتفکر والتأمل، والتنوع داخل الوحدة. وبيان هذه المفاهيم، والتعريف بآليات تفسيرها العقلية والفکرية للظواهر الحضارية، وتحديدًا للظاهرة المعمارية، وبيان مدى ارتباطها وتحکمها نظريًا وفکريًا بمنهجيات ممارستها وإنتاجها العلمي. والدراسة تهدف إلى إثبات أن العمارة الإسلامية مورست في حيز الوعي، وضمن إطار نظري عماده التفکر والتأمل. وذلک في محاولة للتخلص من حضور وتفسير فلسفة التاريخ الغربي للعمارة الإسلامية، القائمة على التحقيب التاريخي، الذي استنه المستشرقون وتبناه أتباعهم من العرب والمسلمين، الذي جردوا فيه العمارة الإسلامية من جسمها النظري، وأخضعوها للممارسات العملية التي تتم بمنهجية التجربة والخطأ. ولتحقيق ذلک سأعرض لمفهوم التاريخ في الجاهلية والإسلام. کما جاء في الشعر الجاهلي والقرآن الکريم، وآراء المفکرين والمؤرخين العرب والمسلمين، ثم أبين الصلة والروابط بين فلسفة التاريخ في الجاهلية والإسلام وأوضح مدى تکاملهما. ثم أعرض لفلسفة التاريخ العربي الإسلامي، وأبين مفاهيمها ومدى ارتباطها بمنهجيات تفسير العمارة وممارستها، مع مقابلة ذلک بما هو سائد في الغرب من آليات تفسير مختلفة عن آليات التفسير العربية الإسلامية. وذلک في محاولة للتخلص من فرضهم لفلسفة تاريخهم في تفسير العمارة الإسلامية وإحلال فلسفة تاريخنا ومفاهيمها لتفسير عمارتنا الإسلامية. والدراسة معنية بالتعريف بالبداية الزمنية للتاريخ العربي، وبيان مدى حضوره وتواصله مع التاريخ العربي الإسلامي. وهذا بدوره أيضًا يتطلب معرفة البيئة الجغرافية، وطبيعة الروابط والصلات التاريخية، والعلاقات الاجتماعية، التي کانت سائدة قبل الإسلام. وستمهد الدراسة ببيان طبيعة العلاقة بين الحضارتين: الإسلامية القائمة المنتشرة في المکان والمستمرة في الزمان، والغربية الناشئة (في حينه أي في القرن الثامن عشر) التي تحاول أن تجد لها موقعًا في المکان لتفرض حضورها في الزمان.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية