القصيدة الأندلسية: صدى الإنجازات والانتکاسات

نوع المستند : الدراسات التاریخیة والأثریة والتراثیة

المؤلف

أستاذة الأدب الأندلسي والحضارة المتوسطية - جامعة تلمسان - الجزائر.

المستخلص

کان الشاعر العربي الجاهلي لسان قبيلته وبوقها الإعلامي الذي يحکي مثـالبها ويتغـنى بأمجادها، فيرهب أعداءها ويفحم خصومها، وهو ما جـعله يحظى بمکانة عالية ما دام يتـحدث بلسان قبيلته " فإذا انشغل عنها بنفسه، لم يعد لـه ذلک المقام الرفيع؛ کما کان شأن عنترة الذي شغـل في شعره بنفسه عن قبيلته، وشغل بقضيته الشخصية أکثر مما شغل بقضايا القبيلة ومصالحها. ومما لا ريب فيه؛ أن القرن الخامس الهجري هو أکثر القرون خـطورة في التاريخ الأندلسي؛ ففيه "أصبحت الأندلس دولاً متعددة، لکل دولة حاکم وإدارة وجيش وحياة أدبية وفکرية شبه مستقلة، وأصبحت العلاقات بين الحکام قائمة على التحرز و الحذر، وإنفاق الأموال في بناء الحصون". فکيف تقوم أمة لسان حالها التشتت؟ هذه الفرقة وهذا التشتت، هو الذي نحا بالمسلمين في الأندلس منحى آخر غير الذي ترسّمه فاتحوها، وصانعو حضارتها، فملوک الأندلس کان أول هممهم ترسيخ جذورهم في مماليکهم، وضمان بقائهم فيها، الأمر الذي جعل أعين الطامعين والطامحين من يهود ونصارى تتربص بهم بأعين لا تنام، "فانهيار الخلافة وبروز ملـوک الطوائـف بدل الکـثير من العلاقات التي کانت قائـمة بين مختلف أصحاب الأديان في الجزيرة، وهذا التبدل المقرون بانعدام الأمن والطمأنـينة دفع جماعات من اليهود للرحـيل إلى الشمال"، حيث أخذوا في التحالف مع النصارى ضد المسلمين. وقد صورت القصيدة الأندلسية إنجازات الأندلســيين حينا، وانتکاساتهم حينا آخر، فالشاعـر الأندلسي لم يقف بمنأى عن الأحداث التي عرفتها بلاده، کما لم تشغله نفسه وطموحاته عن المشارکة الحية والفاعلة، تجاه ما کـان يحدث، فکان يشـيد تارة ببطل أظهر استماتة في سبيـل نصرة الدين، ولو لم يکن أندلسيا، لأن مصلحة الأندلس فوق کل اعتبار، أو بجيش رد کيد الکائدين، کما کان ينقم على شعبه وعلى الحکام لأنهم تقاعسوا فضيعوا البلاد والعباد، ثم إنه أبى إلا أن يطلق آخر زفراته التي اختلطت بزفرات أبي عبد الله الصغير، فرثى الأندلس وودعها وداع المغادر بلا رجعة.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية