مطالب الکتابة التاريخية: المزايا المطلوبة والفضائل المکتسبة للبحث التاريخي

نوع المستند : الدراسات التاریخیة والأثریة والتراثیة

المؤلف

باحث ومحاضر للدراسات الإنسانية والحضارية والعربية والإسلامية والمقارنية - خبير في مجال المعلومات والمکتبات والتاريخ الثقافي.

المستخلص

کتابة التاريخ هي نتيجة تطور طويل المدى بدأ منذ أن أخذ الإنسان يلتفت إلى ماضيه مسجلاً حوادثه، وهذا ما يعرف في الغرب الأوربي بميثولوجيا التاريخ، وقد دعاها أستاذنا الدکتور المرحوم/ أسد رستم (مصطلح التاريخ)، جريًا على التسمية التي أطلقها العلماء المسلمين على علم (مصطلح الحديث)، ذلک العلم الذي عملوا فيه إلى نقد أحاديث الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، واستخلاص قواعد هذا النقد. ومن المعروف لنا أن هذا النقد تسرب أثره من الحديث النبوي المطهر إلى علم التاريخ، واستفاد المؤرخون المسلمون الأوائل من علم الحديث في نقد روايات التاريخ، ونرى أنه من الأهمية بمکان أن يشير أي باحث عندما يجلس تاريخ التأريخ أو تطور الکتابة التاريخية عند المؤرخين المسلمين إلى هذه المسألة. ويتکون الأسلوب الذي تنطوي عليه الکتابة التاريخية من سلسلة من الجهود تبدأ من اکتشاف الأثر أو الوثيقة التي خلفها الماضي وتنتهي بالتأليف التاريخي القائم على قواعد وأصول المنهج العلمي، وتفرض الکتابة التاريخية على من يتصدى لها مطالب کثيرة، فهي تقتضي معارف واسعة عميقة خاصة بحيث أن من يسير في هذا الطريق إلى نهايته يحتاج إلى ذخيرة غزيرة من المعارف، وإلى الإلمام بعلوم وآداب ها اتصالها المتزايد بالتاريخ، والمؤرخ يکون دائمًا في حاجة ماسة إلى سعة الأفق النابعة من النظرة الکلية للأمور والقدرة على الإحاطة والربط لکي يستخرج معنى الحوادث ويحسن تحليلها. وعليه فإن التاريخ ليس ألعوبة في يد کل من هب ودب على وجه الأرض، التاريخ ليس مهنة من لا مهنة له، وليس في إمکان کل من أمسک قلمًا أو تأدب بنوع من الأدب أن يکتب التاريخ أو يتکلم فيه، فکما أن کلاً من الکيميائي وعالم الطبيعة لا يستطيع أن يمارس علمه دون أم يتدرب ويفني السنين الطوال في دراسة العلم الذي تخصص فيه، فهکذا يجب أن يکون الباحث في التاريخ، خاصةً أن التاريخ -کما قال أساتذتنا- من أصعب العلوم، لأن مادته أصعب من مادة الکيمياء والفيزياء، وأشد تعقيدًا. وهکذا تتطلب الکتابة التاريخية معارف واسعة عميقة بشتى العلوم والآداب والفنون، کما أنها تحتاج إلى أسلوب سليم في التحقيق والتدقيق والتمحيص والعرض والتعليل، وهذا الأسلوب يزيد في دقته وصعوبته تعقد الموضوع وسعته واضطراب الوسائل أو المصادر التي يعتمد عليها الکاتب وهو الأسلوب الذي عرف بالأسلوب العلمي.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية