علاقة السحر بالطب في الحضارات القديمة: الکتابات اليهودية والمسيحية المبکرة أنموذجًا

نوع المستند : الدراسات التاریخیة والأثریة والتراثیة

المؤلف

أستاذ تاريخ العراق القديم والشرق الأدنى - کلية الآداب - الجامعة المستنصرية - العراق.

المستخلص

يشکل موضوع السحر والطب واحد من أهم القضايا الفکرية التي نکاد نلمسها في ثنايا دراستنا للمجتمعات القديمة، فمنذ عصور سحيقة شکل المرض مفهومًا غريبًا عن الجماعات البشرية، ففي الوقت الذي کانت فيه الجماعات البشرية تستطيع أن تفهم بشکل أکيد، الجروح الناتجة من المخاطر التي يتعرض لها الإنسان من جراء صراعه مع بني جنسه أو مع الحيوانات الضارية التي تحيط به، شکل مفهوم المرض بعدًا خاصًا في مسيرة تأملاته الفکرية، وأن وقوع شخصًا ما في الجماعة البشرية التي عاشت في عصور ما قبل التاريخ السحيقة، أسير المرض ثم الموت جعلت الإنسان يفکر بأن هناک أسبابًا وراء تحول الإنسان الممتلئ صحة إلى مجرد کائن ضعيف،لا يلبث أن يسلم الروح ليتحول إلى جثة هامدة، ولو تمکنا من تخيل أول جماعة بشرية واجهت محنة الموت لأدرکنا مدى الصدمة النفسية التي تعرض لها المجتمع البشري. ولم يکن أمام الإنسان الذي واجه الموت لأول مرة في جماعته البشرية الصغيرة في عصر موغل في القدم إلا أن ينسب ظهور المرض إلى قوى غير مرئية لم يکن يستطيع مشاهدتها سببت المرض، قوى أقوى منه مقدرو وذکاء، کانت تتحکم في حياته وفي نفس الوقت في مماته. ويمکن أن نستنج أن هذه الفکرة قد مرت بمرحلتين الأولى شعور الجماعة البشرية بوجود قوى تسبب المرض، ومن ثم بلا شک کانت هناک قوى تسبب الشفاء، وفي مرحلة لاحقة وعندما تبلورت فکرة الأخلاق أصبحت القوى الخيرة تحاسب الإنسان على سلوکه تجاههم فتنزل به المرض أيضا، وأصبحت التقوى والعبادة جزء لا يمکن التخلي عنه، إلى جانب الطقوس السحرية التي يمکن ان نتکهن إنها ظهرت في المرحلة الأولى، من أجل الحصول على الشفاء. لقد برز السحر في العلاج من أجل مساعدة الإنسان على التخلص من الآثار السلبية لاستحواذ قوى شريرة عليه والعمل على طردها. هذه الدراسة ليست بحثًا لدراسة مفهوم السحر وجوانبه الواسعة، والمتشابکة، والغامضة، وبقوانينه غير الخاضعة للمنطق، إنما ستقتصر على جانب واحد من الاعتقادات السحرية التي تظهر في ثنايا المصادر اليهودية والمسيحية المبکرة وهو السحر وعلاقته بالطب.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية